
طفرة الذكاء الاصطناعي في مواجهة العقل البشري
يُعتبر الذكاء الاصطناعي من أهم الطفرات التكنولوجية التي يشهدها العالم في الوقت الراهن حيث يؤثر الذكاء الاصطناعي على جميع المجالات ويجعل من ذكاء الإنسان الطبيعي قاصراً على مجاراة إمكانيات وسُبل الذكاء الاصطناعي. تفوق الذكاء الاصطناعي ليس فقط على الذكاء الطبيعي بل على نفسه أيضاً عندما استطاع تطوير نفسه وتمكينه لفهم واستيعاب قدرات متغيرة ومتطورة على مدار السنوات الماضية، بما في ذلك القدرة على التعلم في حد ذاتها. استطاع الذكاء الاصطناعي الذي يُدعى بلوريبوس عام 2019 بالدخول في منافسة مباشرة مع خمسة لاعبين محترفين في لعبة تكساس هولدم بوكر والتي تُعتبر أهم وأشهر أنواع الألعاب في العالم واستطاع الذكاء الاصطناعي التغلب على جميع اللاعبين المحترفين بجدارة ساحقة. لازال العالم في الوقت الراهن يحاول معرفة وقياس الإمكانية والقدرة الغير متناهية لتطور الذكاء الاصطناعي واستطاعته على التكييف ووضع الخطط والاستراتيجيات في مجال الألعاب، وهذا ما سنقوم باستعراضه في المقال أدناه.
تطور مستوى الذكاء الاصطناعي في الألعاب
تم ظهور مصطلح الذكاء الاصطناعي عام 1956 عندما تم استكشاف مهارات الحاسوب وصاغه العالم جون مكارثي. استطاع الذكاء الاصطناعي أن يؤثر في الكثير من مجالات الألعاب مثل الشطرنج على سبيل المثال حيث أنه المجال الأكثر انتشاراً في الذكاء الاصطناعي. نرى أنه استطاع تحقيق النصر الساحق على لاعبين محترفين مرات لا حصر لها وذلك بسبب إمكانية وقدرة الذكاء الاصطناعي على حصر عدد كبير من الخطط والاستراتيجيات التي تقوم على أساسها لعبة الشطرنج على نحو كبير. وعليه استطاع الذكاء الاصطناعي أن يقوم بتسليط الضوء وتحفيز الإقبال على مثل هذه الألعاب وبالتالي زيادة المبيعات على شراء وتحميل وتنزيل هذه الألعاب المختلفة.
لم تتوقف قدرة الذكاء الاصطناعي على إبهار العالم عند هذا الحد، بل استطاع أن يقوم بتعلم خبايا واستراتيجيات لعبة البوكر التي تُعتبر من أصعب الألعاب الاستراتيجية مقارنةً بلعبة الشطرنج التي حقق الذكاء الاصطناعي فيها بالفعل نجاح ساحق كما هو مذكور أعلاه. حيث تختلف لعبة البوكر عن لعبة الشطرنج في أن أوراق البوكر تبقى مغلقة غير مكشوف عنها ولا يوجد حركة أو نقلة مُعينة مثالية، على عكس الشطرنج الذي يضم الكثير من الحركات المحفوظة المثالية والتي تتبع استراتيجيات ثابتة. بمعنى أصح، يستطيع الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن التعامل مع المعلومات الغير كاملة مثل الورق الغير مكشوف أو التعامل مع حالات عدم التأكد مثل النقلات الغير متوقعة التي يقوم بها الخصم. وبالتالي أصبح يُنظر للذكاء الاصطناعي على أنه سبيل هائل ومُنقذ حقيقي للأحداث الغير مستقرة والتي تتسم بعدم التأكد الشديد في جميع المجالات.
مستوى تفوق الذكاء الاصطناعي على العقل البشري
تفوق الذكاء الاصطناعي سواء في صورته التقليدية الأولية مثل الحاسوب البدائي أو حتى في صورته المُحدثة على العقل البشري على نحو مستمر. شهد عام 1997 مباراة شطرنج ما بين بطل العالم في الشطرنج وبين الحاسوب وقد استطاع الحاسوب هزيمة العقل البشري. وقد تصدرت هذه اللحظة كُبرى المجلات والأخبار الإعلامية وذلك لاسيما بعدما صرح بطل العالم آنذاك أنه من المستحيل هزيمته في مقابل عقل اصطناعي. ولكن ما إن باتت الهزيمة أمراً واقعاً وقد أصبحت الاستفادة من العقل الاصطناعي وتطوير سُبل الذكاء الاصطناعي، فأصبحت جميع الشركات في جميع المجالات تقوم بتطوير منصاتها وتحديث أدواتها وتقنياتها استخداماً للذكاء الاصطناعي. بدأت مواقع المراهنات وألعاب الكازينو بشكل عام في مُحاولة تطوير نفسها ومنصاتها لتستفيد أقصى استفادة مُمكنة من الذكاء الاصطناعي في صالح العقل البشري ومن هذه المواقع، موقع كازينو العرب والذي يعد واحد من أفضل مواقع المراهنات العربية. بينما قامت شركة “آي بي إم” بتطوير نظام آلي لهزيمة لاعبي وأبطال الألعاب الثقافية وقد استغرق بناء هذا النظام الاصطناعي الذي يُدعى واتسون أربعة سنوات. حل الذكاء الاصطناعي أهم المنشورات وأولى الصفحات في جميع الأخبار العالمية عام 2011 وذلك عندما استطاع الذكاء الاصطناعي التفوق على عدد من اللاعبين في البرنامج الشهير “جيباردي”. الجدير بالذكر أن أحد هؤلاء اللاعبين كان حاصل على رقم قياسي في عدد الجولات التي انتصر بها على منافسين آخرين في نفس البرنامج. استطاع هذا النظام الاصطناعي حفظ وتسجيل المعلومات المتاحة على ويكيبيديا وآلاف مؤلفة من الكتب الأخرى.
مشروع برنامج “ألفاغو” للذكاء الاصطناعي
قامت شركة “ديب مايند” التابعة لشركة جوجل بإنشاء وتطوير برنامج خاص يعتمد على الذكاء الاصطناعي حيث يُدعى “ألفاغو” عام 2017. تم تدريب هذا البرنامج وخضع للكثير من دورات التدريب الذاتي على لعبة “غو” الصينية التي تُعتبر من أقدم وأكثر الألعاب تعقيداً حيث أنها تشبه الشطرنج ولكن على نحو أكثر تشابكاً، وذلك لأن عدد الاحتمالات الكُلي فيها يتراوح ما بين 1 إلى 360 صفر وذلك مع احتساب متوسط عدد النقلات والتحركات في المباراة الواحدة. استطاع هذا البرنامج الفوز على بطل العالم “كي جي” في لعبة “غو” الصينية وبجدارة ساحقة. بعد هذا النجاح الساحق، تم خضوع البرنامج إلى مزيد من الإجراءات التطويرية التي تم استبعاد العناصر البشرية فيها تماماً حيث أن البرنامج استطاع تطوير نفسه بنفسه ولعب ملايين المباريات حتى استطاع هزيمة نسخته السابقة بالفعل.
أحدث هذا الأمر ثورة كبيرة في عِلم الذكاء الاصطناعي بشكل عام وهذا ما عبر عنه العالم الشهير دايفيد سيلفر حيث أن اعتماد البرنامج على نفسه بدون فرض معرفة بشرية عليه قادرة أن تجعل الذكاء الاصطناعي كيان مستقر بنفسه، بلا حدود على الإطلاق على ما يُمكن أن يفعله أو يطوره أو يحصل عليه.
الذكاء الاصطناعي أم العقل البشري؟
يجول هذا السؤال كثيراً في خاطر الجميع بعد عرض كُل الإنجازات والنجاحات السابقة للذكاء الاصطناعي. ولكن حتى يتسنى لنا الوصول إلى إجابة أو على الأقل التوجه إلى إجابة مُعينة، علينا أولاً أن نفهم أكثر عن أنواع الذكاء الاصطناعي. للذكاء الاصطناعي نوعان أساسيان، يتمثل النوع الأول في الذكاء الاصطناعي المحدود والذي يُمكن فهمه ببساطة في الحواسيب التي نستخدمها حالياً وهي التي تعتمد على المعلومات التي يتم إدخالها وتطويرها من خلال البشر بشكل عام. بينما يتمثل النوع الآخر في الذكاء الاصطناعي العام والذي يُمكن أن نستدل عليه في مشروع ألفاغو المُطور الذي استطاع تطوير نفسه وتسجيل معلومات ووضع استراتيجيات بدون أي تدخل بشري على الإطلاق، فهو قادر تمام القدرة على الاعتماد كُلياً على كيانه بدون أي تدخلات بشرية. يرى العلماء ولاسيما ريموند كروزيل أننا لا زلنا في مرحلة الذكاء الاصطناعي المحدود وأنه على الأرجح ستختبر البشرية القدرة الهائلة للذكاء الاصطناعي العام في الفترة ما بين 2040 و2050. ولكن بشكل عام، يُرى الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن على أنه وسيلة أساسية ومواكبة للعصر التكنولوجي الحالي لتعزيز الاستثمارات وخلق فرص تنموية وتطويرية هائلة وللاستعداد لطفرة في مختلف المجالات خلال السنوات القادمة.
التعليقات مغلقة.